الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

النجاح



يمكنني أن أعطيك آلاف النصائح حول كيف تكون فاشلاً .. ولكنني لن أستطيع أن أعطيك نصيحه واحده حول كيف تكون ناجحاً .. لذا .. لا تقلقوا .. هذه المقاله او التدوينه ليست من ذلك النوع السخيف الذي يعد دائماً بأحلام لا تتحقق ويعتمد في معظم الامر عن امور ليس لها طول ولا عرض ولا ارتفاع ولا يمكنك تجريبها بحياديه .. هذا المقال ابعد ما يكون عن ترياق النجاح .. وكاتب المقال.. ابعد ما يكون عن لقب ناجح ..
أكتب هذا المقال في الدقائق الاخيره من يوم العمل .. وبينما أكون أنا قد انتهيت من عملي الذي يعلم الله وحده ما يكون هذا العمل - إذ أنني حتى هذه اللحظه لا أفهم ما فائدتي في الشركه ولا ماذا سوف يتأثر العمل إذا أصبت بالسكته الدماغيه فجأه - يكون الكل يركض ويهرول من مكتب لآخر لتقفيل حساب أو لإرسال صور إيداعات البنوك عبر البريد الالكتروني .. هذا يطبع و هذا يمسح الصور بالاسكانر وهذا يهاتف العملاء .. وسط هذا الجو الصاخب أشعر بالاسترخاء .. لا يوجد لدى أحد البال الرائق لكي يزعجك او يحكم عليك بنظرات صامته .. لذا .. يكون هذا افضل وقت استخدمه للحكم على نفسي ! ..

إن النجاح أمر نسبي للغايه .. فلكل منا قصته الخاصه .. لا يستلزم النجاح دائماً ان تكون واثق من نفسك راضي عنها مبتسم سعيد تملك خطط واهداف .. فهناك بعض النجاحات التي تستلزم ان تجلس صامتاً لبعض الوقت ولا تتدخل في الامور .. ان تعترف انك تزيد الطين بله وان من الافضل ان تترك الامور تسير كما هو مقدر لها دون تدخل منك .. أو let it be على رأي البيتلز في أغنيتهم الأكثر من رائعه ..



هناك نجاحات ونجاحات .. هناك نجاح في لعبة فيديو جيم أو لعبة ضمنه على مقهى شعبي .. هذا نجاحات جميله تدعم الثقه وتساعدنا على التقدم في حياتنا ومقاومة بعض المثبطات اليوميه .. مثل أن يتجاهلك صبي المقهى فتنتصر على ذلك المثبط العابر بنجاح عابر آخر يحفظ توازنك النفسي حتى آخر الليله .. وهناك نجاحات عملاقه .. نجاحات تأخذ العقل وتقلب الحياه مائه وثمانون درجه .. هذه هي النجاحات التي تعمل عمل الجزره المعلقه أمام أعيننا ونحن نسير وراءها للأبد .. والأنسان مخلوق لا يشبع من النجاح .. ذلك أن النجاح هو أقوى شهوه على الإطلاق ..

وكل من إختبر نجاحاً كبيراً في حياته يعرف حقيقة النجاح .. ويعرف لحظة جني الثمار .. فطريق النجاح طريق طويل بشع قبيح مظلم كئيب كأشد ما تكون الكآبه .. ولحظة الوصول للنجاح هي لحظه يكون فيها المرء مغبراً مشعثاً يكاد يموت من الجوع والظمأ ..
ولكن على الرغم من ذلك .. فإن لحظة النجاح تصنع في جسدك رعشة نشاط جباره .. تشعر ان جسدك لم يعد هو جسدك .. تشعر أنك خلقت من جديد ..

إن أكبر نجاح حققته في حياتي كان فوزاً أدبيا في إحدى المسابقات العربية المستوى (أي على مستوى الوطن العربي) .. كنت أجلس أمام الحاسب بالملابس الداخليه مشعث الشعر أرهقني السهر و
القلق والتوتر والانتظار.. وعندما قرأت إسمي على الموقع .. لا أدري كيف في ثانيه واحده قفزت قفزاً من فوق المقعد وارتديت ملابسي واصبحت في افضل صوره .. ولا كيف خرجت من المنزل في منتصف الليل وقضيت ليله من أجمل ليالي حياتي وأروعها على الاطلاق ..

لذا .. فلن يأتيك النجاح إلا وأنت في أضعف حاله وأكثرها مدعاة للرثاء .. ولكن .. في هذه اللحظه فقط .. يتغير كل شيء ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق